الجمعة، أبريل 17، 2009

الخليج ومعضلة الإبتكار 2 من 3

أكد الشيرازي (2009) هناك شواهد من الآيات والروايات تدلّ على أنّ جميع أفراد البشر يمتلكون نوعاً من الابتكار وبالابداع بالقوّة، وأساساً فانّ هذا الأمر يعد من امتيازات النوع البشري على سائر الأنواع، ويمكن أن تكون الآية الشريفة (عَلَّمَهُ الْبَيَانَ) ، ناظرة إلى هذا المعنى.
وتعريف عبارة " الإبداع بالقوة" ممكن تبيانه بتعريف آخر يقرب المقصد بالرجوع إلى دكتور فتح الله (1995): (الغني بالفعل) الذي يملك مؤونة سنة له ولعياله إن كان معيلا. ويقابله (الغني بقوة) من لا يملك (حقيقة) مؤونة السنة، لكن عنده عمل أو غيره يجلبها له على مدار السنة. (ص 311) خلصت الحلقة الأولى إلى غياب الحوافز المادية والمعنوية. وهذه الحلقة تتكلم بشيء من الإسهاب عن وجود معوقات تقف عقبة أمام توفير حاضنة للإبتكار كما يراها الحمادي العوائق هي:
معوق سياسي: تفضي سياسة وضع الحوافز المجحفة بحق المبتكرين في بعض المؤسسات إلى معوق. فمثلاً تخصص بعض المؤسسات نصف مليون ريال للمبدعين. يقول (الحمادي، 2009) هكذا مكافئة لاتساوي حفلة غناء لمطربة. أو مخصصات رياضي لعب في مباراة كرة القدم. فعدم التقدير تشجع بعض المبتكرين إلى الهجرة؛ ففي بلد غربي واحد قد تجد مئات الآلاف من المبدعين العرب من هاجروا من بلد عربي واحد. أكد الجابري (1425) الإبتكار ليس محصوراً في موظفي مراكز الأبحاث بل كل العاملين والعملاء. وحث على تكريم المتميزين وتحفيز كافة الأفراد على الإبداع كمنهجية للإستدامة. والتقدير للأفراد في نظره يكون ب: (أ) إستحداث جائزة أحسن موظف؛ (ب) قياس رضا الموظفين من وقت إلى آخر؛ (ت) نظام تقييم "المرؤسين" لرؤسائهم؛ (ث) نظام الشكاوي والإقتراحات؛ و (ج) نظام الحوافز المرتبطة بتقييم الأداء.
معوق إجتماعي: بعض االمتنفدين لاهم لهم إلا قتل أفكار الآخرين الجديدة وهي في المهد؛ و يعرف المنظرون هؤلاء بقاتلوا الأفكار ideas killers فالحذر من أن تكون من هؤلاء. (حمادي، 2009) مواجهة قتلة الأفكار في مهدها: على المبدع تقبل رفض فكرته من قبل الغير برحابة صدر؛ ويصحب هذا التقبل المؤقت إصراراً بمحاولة بيع فكرته من جديد. وذلك بعد المراجعة والإستفادة من الإخفاق السابق وطرح الفكرة مجدداً بعد إلباسها ثوب وحوية جديدتين. وإذا ما صادفت من يضحك على الفكرة التي طرحتها فهذا يعني أنك تقدمت خطوتين إلى الأمام بمشروعك (الفكرة). فمثلاً الطائرة (فلاير-1) ثنائية الأجنحة والعائدة للأخوين رايت قد طارت لأول مرة عام 1903. وقد طارت في الهواء لمدة (12) ثانية فقط وقطعت مسافة 30 متراً بسرعة عدو الفرس تقريباً. وعند إختلاف من حولك على جدوى الإبتكار المطروح فتعتبر هذه الحالة خطوة تقدم إلى الأمام لمشروعك. فالأخوان رايت في بحثهم الدؤوب عن تمويل مالي لمشروعهم في الطيران عند التجار والمتنفدين ضحكوا عليهم قائلين لهم : ثم ماذا بعد إرتفاعكم بطائرتكم وصولكم الى أعلى الغيوم ماذا ستفعلون؟ هل ستلعبون الكرة هناك؟ وبالرغم من كل مالاقاه من عقبات بفضل إصرار الأخوان رايت نعمت البشرية بالنقل الجوي (حمادي، 2009)

وتوجد قصص كثيرة عن معوقات الإبتكار أوردها الدكتور علي الحمادي في حديثه:

  • مهندس بترول عربي إخترع جهازاً تم تنفيده والإستفادة من مردوده المادي في تايوان
  • سائق باص سجل حتى الآن 14 براءة إختراع في الويلايات المتحدة الأمريكية·
  • شخص إبتكر جهاز يحول الرطوبة إلى ماء صالح للشرب. الشخص لم يجد من يتبنى فكرته.
  • شخص ليس لديه شهادة إبتدائية صرف 300 ألف درهم وقطع مراحل جيدة إلاإنه يريد مزيداً من المال لإكمال تنفيد مشروعه. بدون جدوى، طاف على الدوائر والمؤسسات ليبحث عن ممول لمشروعة ولم ينجح.

وقفة:

أكد (Govindarajan (2009 حتى في زمن الأزمة المالية الحالية تولي المؤسسات الإبتكار أهمية رغم وضوح ترشح وتعرض ميزانية البحوث والتطوير للشركات للخفض في سنوات الكساد. فسنن الأزمات تعقبها عادة حالة إنتعاش. فقائمة أفضل الشركات العالمية من حيث الإبتكارات من 1 إلى 50 الذي نشرته BusinessWeek . تصدرت Apple المرتبة الأولى، Google حازت المرتبه الثانية، و سوث وست المرتبة 47. أما GM للسيارت كانت رقم 18 في عام 2008 وفي 2009 أصبحت خارج السلم. نعم موضوع لإبتكار في الأزمة فيه مخاطرة ولكن هو السبيل الوحيد للنجاح. كما توجد 25 شركة ناجحة في السوق بسبب الإبتكار ولكنها غير مغمورة بالمديح في موزعة في أنحاء العالم مثل الصين، الهند، ونغلادش، وغيرها من البلدان. أنظر الرابط.
ولتجاوزموعوقات الإبتكار في مؤسسات الدول النامية تتطلب الآتي:

بناء عقلية نظام المؤسسة:

بناء عقلية نظام المؤسسة بدل العقلية الفردية السائدة والقائد الضرورة. العقلية المؤساساتية في أمريكا مثلاً تبقى القوانين ثابتة بعد ذهاب القائد. يقابلها العقلية الفردية في بلدان العالم النامي يذهب القائد "الضرورة" وتذهب معه كل القوانين وربما تنتهي بإنتكاسة وتراجع للمشاريع.

تطوير إسلوب الكتابة ً:

يزعم كثير من المنظرين العرب وخصوصاً الذين تلقوا تعليمهم في المدارس الإدارية في العالم الغربي، أن المؤلفات عموماً في الوطن العربي في علم الإدارة والقيادة تتسم بالقصور مقارنة بالمؤلفات القادمة من الدول الغربية ومن الولايات المتحدة الأمريكية على الخصوص. ينصح الدكتور علي في مقابلته كسر الجمود في مؤلفات كتب الإدارة. يأمل أن يعمد كُتّاب علم الإدارة والقيادة البعد عن إسلوب التعقيد في الكتابه المتبع حالياً الذي يشابه المعادلات الكيمياء المعقدة. ولإسناد الفكرة المراد تبيانها ولإضافة حيوية للكتابة في موضوع الإدارة في الوطن العربي والإسلامي يدعو الدكتور الحمادي إلى إضافة: القصة؛ أصول القيادة والإدارة في الإسلام؛ الإحاديث النبوية الشريفة ذات العلاقة؛ القيم والأخلاق من التراث الإسلامي؛ المعلومة الغريبة؛ و النكتة و الطرفة المستساغة.

وفي سياق تطبيقه كلامه العملي عن إسلوب الكتابة، فقد أورد إنه كتب حتى تاريخ المقابلة 35 كتاباً بإسلوب مهضوم لقراء العربية ويتظمن المواصفات أعلاه. وحتى يلاقي هذا الإسلوب من الكتابة قبولاً أكثر لدى القراء العرب، فقد حدد عدد الصفحات لكل كتاب ب 120 صفحة.

رأي الشيرازي في إسلوب الكتابة:

أكد الشيرازي (2009) إن الفكر الجديد يتطلب عرضاً جديداً وصياغة جديدة في الاسلوب لأننا نرى في هذا العصر الجديد مستمعين وقراء جدد، وذلك يقتضي صياغة المعارف والمفاهيم الدينية صياغة جديدة ويتمّ تبليغها إلى الناس بأحدث الوسائل والإرتباطات وأجهزة الإعلام...
إنّ صراع العقائد والحضارات في عصرنا أوسع وأعمق بكثير من الحروب العسكرية، ووجود أدوات الإعلام المتطورة والأجهزة الدقيقة في مجال نشر الثقافات قد زاد في مساحة هذا السجال والصراع الثقافي بحيث إنّ نصف سكان المعمورة «ملياري شخص تقريباً» يتمكنون من مشاهدة مباراة لكرة القدم مثلاً بهذه الأجهزه المتطورة فوراً وفي وقت واحد، أو يتمّ طبع مجلة أو صحيفة بعدّة ملايين من النسخ وتوزع في خمس قارات في العالم، ومن ذلك ندرك جيداً أهميّة صراع وتصادم العقائد من خلال الاستفادة من هذه الأجهزة المتطورة، ولإدراك أهميّة هذا الموضوع يكفي أن نعلم أنّنا إذا أردنا أن نعقد جلسة في كل يوم يبلغ عدد الحضار فيها ألف نفر فانّ توفير ذلك العدد- ملياري شخص - الغفير من المستمعين والمشاهدين سوف يستغرق ستة آلاف سنة. وإذا أردنا طبع كتاب منذ بداية التاريخ البشري إلى الآن في كل سنة مرّة بمقدار مائة ألف نسخة، فستكون بمجموعها بمقدار نسخ إحدى الصحف اليومية في بلادنا في الوقت الحاضر». (الشيرازي، 2009)
وأخيرأ هل نطمع بدور لقيادة الأمه في توفير بيئة حاضنة، حنونة، راعية للإنسان، ومشجعة للإبتكارات تنقلنا جميعاً من هامش المتفرجين والمستهلكين إلى وسط الفاعلين والمؤثرين في هذا العالم؟ الحلقة الثالثة والأخيرة تتناول: ماذا يقرأ منظروا الإبتكار، قصص مختارة ، وإبتكارات طريفة قد تنهي مهنة مقص الرقيب!
__________________
المصادر العربية والأجنبية
الحمادي، أ. (2009). معوقات الإبتكار. مقابلة تلفزيونية في برنامج "صانعو القرار" في 15 فبراير 2009.
الجابري، ح. (1425) الإبداع المؤسسي (التميز المؤسسي). مستخرجة في 14 أبريل 2009. من http://www.4shared.com/file/39791526/3fdaf0b5/_ml?s=1.
سبيكولاند، ر. (2006). إضغط الزر وانطلق. مكتبة جرير. السعودية
الشيرازي، م. (2009). الإبداع والإبتكار. الموقع الالكتروني لمكتب المرجع الديني سماحة آية الله العظمی مكارم الشيرازي دام ظله. مستخرجة في 20 أبريل 2009. من http://www.makaremshirazi.org/arabic/biography/?bid=4

فتح الله، أ (1995). معجم ألفاظ الفقه الجعفري. مكتبة يعسوب الدين. مستخرجة في 21 أبريل 2009. من http://www.yasoob.com/books/htm1/m011/09/no0959.html

موقع الفيزياء التعليمي (2009). الأمازون تطرح قارئ كتب كندل للجوال. مستخرجة في 15 أبريل 2009. منhttp://www.hazemsakeek.com

Govindarajan, V. (2009). Creating an innovation mindset. Harvard business publication. Retrieved April 19, 2009. From http://www.youtube.com/watch?v=sNzkmZdM4A4
Govindarajan, V. (2009). Creation during recession BusinessWeek. Retrieved April 19, 2009. From http://www.vijaygovindarajan.com/
Hamel, G. (2006). The why, what, and how of management innovation. Harvard business review. Retrieved April 14, 2009. From http://www.4shared.com/.
Jana, R. (2009). Is innovation too costly in hard times? BusinessWeek magzine. Retrieved April 20, 2009. From http://www.businessweek.com/.
Leifer, R. (2001). Radical innovation: How mature companies can outsmart upstarts. Harvard [Book review]. Retrieved April 13, 2009. From http://www.4shared.com/.
Oprah, W. & Bezos, J. (2009). Kindle class. Oprah Winfrey show with Amazon founder and CEO Jeff Bezos. Retrieved April 17, 2009. From http://www.oprah.com/.
UoP online (2009). Mission and purpose. Retrieved April 16, 2009. From https://ecampus.phoenix.edu/mission.pdf
للمراسلة:

ليست هناك تعليقات: