الأربعاء، أبريل 22، 2009

تسرب المواهب... أسباب تحمل في طياتها الحلول


http://tenateef.blogspot.com/2009/04/blog-post_1466.html?m=1

تسرب المواهب... أسباب تحمل في طياتها الحلول


هذه المقالة تناقش أسباب ظاهرة استياء الموظفين ذوي المواهب والخبرات والكفاءات العملية ومن ثم تسربهم من المؤسسات الأصلية التي اختاروها من بداية تخرجهم ناشدين: الدخل المجزي، النمو الوظيفي، التعليم المستمر، العدالة، وحسن التقدير. ومن ثم تتطرق المقالة إلى الأسباب لتسرب المواهب التي توحي في طياتها الحلول لظاهرة تسرب الكفاءات.

ففيي استطلاع للرأي على مستوى عشوائي وعينة عددها 20 فردا من موظفي المؤسسات المنتجة التي تمثل الدخل الرئيسي للبلد. عزا معظم أفراد العينة الأسباب إلى عدم أهلية بعض رؤسائهم في قيادة -وليس إدارة- الموظفين بشكل عام وذوي المواهب من الطاقات الشابة بشكل خاص في إرساء أسس العدالة وإشاعتها بين الموظفين.

النتيجة الحتمية هي تسرب تلك الكفاءات الوطنية من مثل تلك المؤسسات إلى أخرى أكثر عدلا. أو تسرب بعض الموظفين وهم على رأس العمل في نفس المؤسسة بظاهرة فك الإرتباط «Disengagement»، الموظف يداوم حسب الأصول ويقوم بواجبة اليومي ولكن في جعبته عطاء يتعذر عليه تنفيده في ظل الأجواء السائدة من المحسوبية وعدم تكافؤ الفرص. لقناعة الموظف أو الموظفة أن الأمور سيئة لدرجة أن الترهل الذي تعاني منه المؤسسة لا يمكن إصلاحه.

وجهة نظرالمؤسسات لظاهرة التسرب:

تعبر أدبيات بعض المؤسسات عن معاناتها من ظاهرة التسرب بالقول: أنها تنفق موارد هائلة على اجتذاب وتطوير الموظفين. وفي نفس الوقت تشير تقاريرها إلى عدم قدرتها على الاحتفاظ بالموظفين الأكفاء وخصوصا من أجيال الشباب. وتعزي بعض هذه المؤسسات ذلك إلى "وجود فجوات من القصور." هذه الفجوات لا تؤهل الإدارات الحالية في ملء هذا القصور الذي ينقذ هذه المؤسسات من الترهل ويجعلها في موضع تنافسي أفضل في سوق العمل المحلي فضلا عن العالمي.

الفقرات التالية تلقي الضوء على أسباب الظاهرة والتي توحي في طياتها للمتتبع من القراء الكرام طرق الحل.

حرب الكفاءات «Talent war»:

رغم التقلبات الإقتصادية التي تواجهها الشركات وما يتبعها من تسريح لبعض الأفراد؛ تحرص إدارات الشركات في العالم الغربي على عدم المساس بطاقمها الأساسي «Core employees» من الأفراد الذي يمثلون سر بقائها. وفي سبيل الاستمرار في المنافسة في سوق العمل تتفاوض مع الأفراد على دفع رواتب جزئية أو كاملة من الراتب الأساسي بدل التسريح؛ وذلك لمنع إقتناص الشركات المنافسة في السوق للقدرات المدربة والجاهزة للعمل.


كما تحرص بعض الشركات على خلق بيئة ثقافية للعمل مدة العمر «life span» أو حتى التقاعد. أخبرني أحدهم أنه عندما قرر الانتقال من شركة العالمية التي يعمل فيها إلى أخرى محلية طمعا في الاستقرار الأسري. وبسبب الثقافة السائدة التي ينعم الموظفون بها في تلك الشركة العالمية، فقد شعر هذا الموظف بما يعرف بالشعور المزدوج - البقاء وفاء للجميل والعشرة الطيبة أو الرحيل-. فالعامل الموهوب عامل جلب في سوق العمل والمقاولات العملاقة. فترى بعض الزبائن يضع اختياره للشركة المنفذة للعمل -وربما ذات تسعيرة عالية- بناء على وجود أسماء أشخاص ونوعية من العمالة لها مكانتها والسمعة الطيبة في سوق العمل.


تقارير بيوت الخبرة «consultant houses» يعلوها الغبار:


يزعم بعض الموظفين أن مؤسساتهم المحلية غير جادة ليس فقط في البحث عن حلول جذرية لظاهرة تسرب الكفاءات، بل يخلص بعض ذووي الخبرة أن هذه الإدارات المتعاقبة المتداولة للسلطة غير جادة حتى بتبني الحلول التي خلصت إليها تقارير ونتائج بيوت الخبرة العالمية للحفاظ على الموظفين الأكفاء في مختلف المجالات والتخصصات. والتوصية بأن الخروج من حالة عدم الرضى من أكثر الموظفين هو تطبيق مبدأ العدالة «Fairness». ففي أغلب الأحيان تلقى نتائج هذه الدراسات نظرة إستخفاف وإهمال من الإدارات المتعاقبة. وكأن الهدف من تكرار إجراء كذا دراسات فقط لمجرد تحسين صورة أمام العالم «image enhancement».


النتيجة الحتمية:


فعندما تلوح في الأفق فرصة عمل أكثر ملاءمة لذوي المواهب والخبرات تراهم ينتقلون إليها لتحقيق ذاتهم التي سحقت. ويوجد شبه إجماع من أفراد عينة إستطلاع الرأي من مختلف الأطياف والتخصصات أن الحل يكمن في إرساء ثقافة "العدالة" والمعاملة الحسنة والإحترام في دوائر العمل. يتضح أن جل المطلب ليس ماديا وهو بالنتيجة غير مكلف. بل سيساعد الإدارة في إشراك الجميع في العمل بروح الفريق.


السؤال الصحيح لجمع قاعدة معلومات لإيجاد الحل:


لو فكر أحدنا في زملائه الموظفين الذين عملوا لمدد أكثر من20 سنة والذين تركوا الشركات قبل حلول تقاعدهم المعتاد. وسأل أحدنا عما لو وجه إليهم مثل السؤال التالي: ما كان يمكن منعكم من المغادرة؟


أما السؤال الخطأ المعتاد في العديد من المقابلات عند خروج هؤلاء «هذا بالطبع إن وجد أدنى إهتمام من المؤسسة لتوجيه مثل هذا السؤال في المقابلات الوداعية Faire well interview» »: 'لماذا تركت عملك معنا؟'


ولكن السؤال الصحيح في مثل هكذا ظروف ومقابلات "وداعية" هو التالي: 'مالمانع من أن تواصل عملك معنا حتى يحين موعد تقاعدك المعتاد؟.'


ويسأل كاتب المقالة لماذا البطء عن توجيه السؤال المذكور آنفا الى حين حلول المقابلات الوداعية Farewell» interview»؟!

التنبؤ المبكر قبل طلب ذوي الكفاءات بالمغادرة:

لاحظ برانهام (2001) عبر سنوات عديدة من البحث أنه بالإمكان بناء بعض نماذج التنبؤ للتقصي، التي يمكن من خلالها أن تساعد المنظمة - مع فهم البيئة الداخليةوإعطاء المعلومات المؤيدة لنشاط صانعي القرارات - التي قد يكون من خلالها توفير القدرة على خفض معدلات تسرب الموظفين والحفاظ على معدلات استقرار لسنوات عديدة. أكد Branham أن الغالبية العظمى من المديرين التنفيذيين، الذين يهمهم الحفاظ على الموظفين ذوي "القيمة العالية" من مغادرة الشركة لديهم انطباع خطأ: هو أن هؤلاء الموظفون يغادرون إستجابة لمحاولات 'إقتناص' من الشركات المنافسة وذلك بتوفير عروض أفضل. أو لأن العشب أكثر إخضرارا في مكان آخر. ولكن الحقيقة مختلفة تماما. وهي أن العمال يغادرون لرجحان العوامل السلبية الناتجة من الممارسات الإدارية الخاطئة والثقافات الضارة في مكان العمل هو أساسا ما 'يدفع' العاملين المهرة من ذوي الخبرة للقيام بالمغادرة.


أكد سابل (2002) إنه إلى حد كبير، الأشخاص ذوو القيمة "يعيشون" و"يموتون" من خلال الأفعال والقرارات التي يقوم بها رؤسائهم ومالكو ناصيتهم المباشرون في كل قطاع من قطاعات الحياة. فالمنظومة أو المؤسسة التي ترغب في البقاء والنجاح والاحتفاظ على معظم العاملين في المنظمة يتعين عليهم القيام بالتالي: الاختيار الأمثل لذوي الكفاءات؛ تعزيز الأداء والحوافز والرضا وإفشاء العدل الوظيفي مع مراحل تقدم الموظف. وكذلك إلغاء المحسوبية والعمل على فصل كل فرد لايؤدي واجبه المناط به. ففشل المسؤول بالقيام بتلك الواجبات الأساسية المذكورة آنفا يؤدي الى تسرب ذوي الكفاءات؛ وبالتالي إنهيار متواز وفشل منظومة العمل وخلل في منافستها في سوق العمل على المدى البعيد.


وعلاوة على ذلك فقد ركز Branham على تطبيق ممارسات العمل الرئيسية التي تتألف منها تلك التوصيات المذكورة آنفا. وأضاف أنه يمكن للمسؤول تنشيط مؤسسته للاحتفاظ بالمبدعين واقترح هذه المفاتيح لذالك: 1. أن يكون الناس يريدون العمل في المنظومة أو الشركة ويجب على القيادة بناء نماذج ثقافة، وتشجيع الإلتزام والمكافآت وكسب الموظفين المحتملين، من خلال خلق سمعة بأن هذا المسؤول يمثل ' الاختيارالأمثل في العمل معه.' 2. وفي المقام الأول تحديد الشخص المناسب عند التوظيف؛ 3. عمل القادة على دمج الموظفين الجدد في بداية رائعة وإسناد مهام مهمة فيها تحد؛ 4. الحفاظ على الإلتزام بإستمرار الإنجاز المبدع والمكافأة عليه.


الأسباب الجذرية والخفية التي تؤدي الى مغادرة الموظفين:


وناقش Branham تحليله للبيانات ودراسات الاستقصاء التي قام بها لعينات واسعة من الموظفين في الصناعات «المالية، الصناعية، الطبية، التكنولوجيا، التصنيع، التوزيع، التأمين، الرعاية الصحية، الاتصالات السلكية واللاسلكية، النقل، خدمات الكمبيوتر والالكترونيات، المنتجات الاستهلاكية، الخدمات الاستهلاكية، والخدمات التجارية، والإستشارية Consultant، وغيرها من المجالات». وخلص Branham الى نتيجة مفادها: أن الموظفين لا يغادرون بسبب الحصول على عروض أفضل في أماكن أخرى. بل للظروف السيئة والمماراسات التي لا تطاق في بيئة عملهم.


في الفقرة التالية سنرى معا أن هذه الأسباب للمغادرة هي أيضا من القلة في العدد وهي على وجه التحديد سبعة أسباب متباينة ويمكن تمييز الواحدة عن الأخرى. بحيث يسهل على المديرين وكبار القادة الوقاية منها أو معالجتها أو على القليل الحد من تفاقمها.

هذه الأسباب السبعة الخفية للمغادرة والتي توحي وتحمل في طياتها سبل الحل ستناقشه الفقرة التالية.


الأسباب السبعة واضحة وخفية!


توافقت نتائج بحث Branham في إرجاع شكاوى كل موظف الى أسبابها الجذرية، وقد حددت سبعة أسباب. هذه الأسباب نفسها يدعمها بحث قام به ساراتوجا «Saratoga». ومن حسن الطالع أيها القارئ الكريم أن الأسباب متمايزة على وجه التحديد عن بعضها البعض، وأنها يمكن الوقاية منها أو معالجتها من جانب المديرين وكبار القادة. وهي أي الأسباب من القلة في العدد «سبعة» بحيث يمكن معالجتها. وهي في الوقت نفسه معروفة جيدا وخفية أيضا. وهي من الأهمية بمكان التي تدعو العمال للتخلي عن منظماتهم وهي:


1. الوظيفة أو مكان العمل لا يرقيان إلى مستوى التوقعات والطموحات، 2. عدم التوافق بين الوظيفة والشخص الموجود، 3. القليل جدا من التدريب و/ أو التغذية المرتدة «feedback»،4. عدد قليل جدا من فرص النمو، والترقي في سلم الوظائف، 5. الشعور من التقليل من قيمة الموظف وعدم الإكتراث به وعدم النظرة الجدية للإعتراف به وبإنجازاته، 6. التأكيد الزائد على عدم توفر بيئة التوازن بين العمل والحياة «life balance: work and family» ، 7. فقدان الثقة وعدم الاطمئنان لكبار القادة. هذه الأسباب تدعمها نتائج بحث ساراتوجا أيضا «Branham، L، 2005»


وحتى نضفي على هذا البحث شيئا من المحلية من التطبيق سنناقش في الفقرة الآتية بيئة العمل الصناعية في بعض مؤسسات المنطقة. وهي مصداق للبيئة المسرحة لدوي الكفاءات المحلية.


الأسباب لتسرب الكفاءات في بعض مؤسسات المنطقة:


بعد أن استعرض المؤلف آراء ذوي الاختصاص من الكتاب العالميين في موضوع أسباب الفشل في الاحتفاظ بالمواهب في المنظمات بصفة كونية عالمية من منطلق إنساني بغض النظر عن الجغرافيا. يستسمح المؤلف القراء في سرد الأسباب في فشل بعض الشركات الصناعية الرائدة في المنطقة على الاحتفاظ بذوي الكفاءات. وتجدر الإشارة إلى أن هذه النتائج مبنية على استقصاء بسيط لآراء -بصورة دردشة- بعض الأفراد الذين يعملون في بيئة صناعية واحدة. إلى حين يوفق أحد الدارسون في إجراء دراسة ميدانية "محلية" على نطاق واسع لهذا الموضوع الشائق والهام بالنسبة لمستقبل دول المنطقة وتنمية طاقاتها البشرية.


تلخص الأراء أن الأسباب ترجع إلى:


شطحات غير مسؤولة لبعض القادة في بعض الشركات: إحالة العمال المهنيين والمؤهلين المهرة، والذين وصفوا في وقت من الأوقات بـ "الزائدين" عن حاجة أعمال إداراتهم الأصلية! تصور بلدان المنطقة التي تأوي كل منها ملايين من العمالة الأجنبية غير مدربة تصنف العمالة المحلية الوطنية بالزائدة «surplus manpower». ونتيجة ذلك القرار الغير صائب أسندت إلى هؤلاء المواطنين المظلوميين أعمال شاقة ويدوية كانت تسند عادة الى المقاولين «outsourcing». كبناء وشد السقلات الحديدية «Scaffolding» وأعمال يدوية شاقة أخرى خلال الصيانات الدورية للمنشآت.


إن هذا التعسف في استخدام القانون من بعض القادة أدى إلى تسرب أفواج من العمال عند بلوغهم سن التقاعد المبكر. وتجدر الإشارة إلى أن معظم العمال المستهدفين المحولين كان يغلب عليهم أنهم ينتمون إلى مذهب معين ومن منطقة جغرافية معينة.


عدم جدية القادة في معرفة السبب الحقيقي للإستقالات أو للتقاعد المبكر. فعند تطرق الموظف للإستقالة لأي سبب حتى يبادر المسؤول المباشر بطي قيد الموظف بسرعة البرق -من وجة البعض يعتبر طي قيد بعض الأفراد تقربا إلى الله!- دون الاكتراث بالسؤال عن الأسباب. أو إعطاء الموظف فترة مراجعة لقراره. وتوجد حالات وقصص أليمة ومؤسفة لا يسع المجال لسردها في بحثنا هذا.


من الأخطاء عدم الإستفادة من الموظفين المغادرين. لو فكر أحدنا في الناس الذين يعرفهم والذين تركوا الشركات التي يعملوا بها قبل حلول تاريخ تقاعدهم. وسأل: ما كان يمكن أن يمنعهم من المغادرة؟ والسؤال المهم الذي لا يزال غير مطلوب أو غير مهم او قل السؤال الخطأ في العديد من المقابلات عند خروج هؤلاء «هذا بالطبع إن وجد مثل هذا الإهتمام»: 'لماذا تركت عملك معنا؟'


ولكن السؤال الصحيح في مثل ظروف هذه المقابلات الوداعية «Farewell Interview»: 'مالمانع من أن تواصل عملك معنا حتى يحين موعد تقاعدك؟.'


من الخطأ بمكان إعزاء السبب الحقيقي للإستقالات أو للتقاعد المبكرإلى العامل المادي فقط. الإنسان حساس لعدم المساواة وعدم توخي العدل ويرى من حقه الترقي وإعطاء الثقة بالنفس والكرامة وتحقيق الذات «self-actualization»، فيرى الكثير أن النظام السائد في المؤسسات هو نظام "القبيلة" «Tribal System»، وكما يقول المثل: كل فرد يجر النار إلى قرصه. ومن الطريف أن أحد الزملاء في دورة المياه أعزكم الله، سمع مناقشة بين موظفين من خارج المنطقة في المؤسسة التي يعمل بها، يتظلمون من أن رئيسهم أتى بأفراد قبيلته وجعلهم من المقربين ونصيبهم وافر من الترقيات على حساب الآخرين ذوي الكفاءة. ولذلك الكل مع الأسف يحن الى إدارة "أبو كبوس" أي المدراء الأجانب التي يرى الكثير أنها كانت أكثر إنصافا.


والأكثر خطأ معالجة التسرب للكفاءات بوضع ضوابط وعوائق وعقبات صارمة أمام الموظفين ذوي الأمراض التي تمنعهم من الاستمرار والبقاء على رأس العمل.



من الخطأ النظر إلى أن الحل السحري يكمن في الحافز المادي فقط دون الحوافز الأخرى المعنوية «motivations». أنظر مقالة «الحوافز في الإدارة» «motivation and empowerment» للكاتب نفسه في "الرابط."


من الخطأ بمكان عدم الأكتراث لأهمية عامل فارق الأجيال «Generation Gap» من جهة التعامل مع الجيل الجديد من الموظفين الجدد. وللمزيد يمكن الرجوع الى "الرابط".

يصنف الكاتب كبار السن من الموظفين الى المجازفين وغير المجازفين «Risk Averter». فالنوع الأخير لا يقدم بسهولة على ترك المنظومة أو الشركة التي يعمل فيها الى أخرى. بل يؤجل هذا التغيير إلى أن تبلغ سنوات خدمته سن التقاعد المبكر أو التقاعد الكامل. وذلك نظراً "لالتزاماته" وأهمها لديه عادة العائلية. بعكس المغامرين من بعض كبار السن والشباب أو محبي ركووب المجازفة «Risk Taker» أو الذين اتبعوا ما نصح به روبرت كايوساكي » Kiyosaki «2000صاحب كتاب "أبي الغني-أبي الفقير Rich Dad Poor Dad." في التخلي عن الوظيفة في المؤسسات والتفرغ للأعمال الحرة والمضاربة بالأسهم والتي بها عاملا المجازفة والإثارة. ولشق طريقهم الأسهل نحو الغنى والرفاه.


سبب آخر يضاف إلى ذلك أن الموظفين استغلوا قانون التقاعد المبكر لسداد ديونهم المترتبة عليهم في البنوك من جراء خسارتهم في المضاربة بالأسهم.


آخرين من الموظفين، وحتى يقنع من حوله بقرار التفرغ بالإستقالة أو التقاعد المبكر ومعالجة الشعور المختلط «Mix feeling» تراه يتبنى دور إستثنائى «حتى يقنع من حله». وهو العمل كمحرم مثلا ولمصاحبة وكفالة الأبناء وخصوصا من الإناث المبتعاثات للدراسة في الخارج.

الحروب العبثية الفرصة الأبرز للإعتراف بالكفاءات المحلية!!!


لعل بعض القراء الكرام ممن شهدوا حرب النفط الثانية عام 1990-حرب الكويت- وشاهدوا مغادرة العمال في قطاع النفط من الأجانب وعوائلهم الى أوطانهم لعدم الثقة في القيادات التي حولهم. بل جرت مصارحات ومشادات خلال الاجتماعات التي انبرت لكسب ثقة الأجانب ولإقناعهم بالبقاء حتى لا يتعثر مستوى الإنتاج. فقد نعت بعض الأجانب الأنظمة الإدارية المترهلة للشركات المحلية التي استقدمتهم للعمل فيها بأنها ليست جديرة بالثقة بسبب أنها تدار بنظام القبيلة «Tribal System» وليست مبنية على تكافئ الفرص لجميع الموظفين. حينئد فقط وبحكم الحاجة الملحة لتسيير الأعمال واستمرار الإنتاج أتيحت فرصة نادرة للكفاءات المحلية في إبراز مواهبها بالعمل كل في إختصاصه وفي جعل الأعمال تسير بفاعلية وانسيابية ورشاقة منقطعة النظير. هذه الفرصة التي أتيحت للكوادر المحلية لإدارة الأعمال، أضافت قيمة وإحساس بالكرامة وتحقيق الذات الى الموظفين المحليين على جميع الصعد الصناعية والطبية والخدمية.


الحرب والكفاءات المحلية مثال آخر:


أكد السيف «2008» عن تجربته الصعبة في تعاطيه في أزمة الحرب، حرب النفط الثانية عام 1990 عند مطالبة الفنيين الأوروبيين والغربيين والآسيويين العاملين في الكادر التمريضي لوزارة الداخلية في إنهاء تعاقدهم ومغادرتهم. فقد استدعي الكادر التمريضي المحلي ليحل الأزمة. ومما زاد من حدة الأزمة أن الطاقم المحلي قد تسرب من موقعه الوظيفي الفني العسكري وتحول إلى نظام السلم الوظيفي المدني. فقد أعيد تأهيل الكوادر التمريضية المحلية بإدراجهم في دورات مكثفة. وذلك كحل للإزمة التي أطلت برأسها. كما ونصح بلإعتماد والمحافظة على الكوادر الوطنية المؤهلة باستمرار. وعدم السماح بنقل الأفراد من سلم الكوادر الفنية إلى المدنية -أي تسرب الكفاءات في داخل المؤسسة. «ص 177»


ظاهرة فك الإرتباط «Disengagement»:


الظاهرة التي أشار لها الدكتور السيف في كتابه القيم وفي عدة مقابلات صحفية. توحي الى كاتب هذة المقالة عن ظاهرة مهمة تجدر بالباحثين دراسة أسبابها. وهي تندرج تحت ظاهرة فك الارتباط بسبب والموروث الثقافي التي تنظر إلى التقدم الوظيفي عن طريق الإنسلاخ من التخصص الفني إلى الإداري طمعا في مكتب ركني كبير «big corner office with a big desk». والنتيجة كارثية في معظم الأوقات. فالطبيب ينسى الطبابة بعد خمس سنوات من ترك ممارسة الطب وعمله كمدير. دكتور الجامعة يترك مكانه الطبيعي في البحث والمعامل إلى مظاهر الوظيفة الإدارية التي تحيله الى مجرد كاتب بالوكاله لغيره «Ghost writer» وفي معظم الأوقات في غير تخصصه.


الاقتصاد الانتاجي والاقتصاد المعرفي:


وقد يكون السبب في إهمال تأسيس مراكز أبحاث وجامعات في في المناطق المؤهلة وذات المخزون والقدرات الكامنة للبروز على مستوى المنطقة بل والعالم. هكذا مراكز تستوعب الكفاءات وتحولهم إلى منتجين وعدم تسربهم.


وهذا يعرفه فخرو «2008» في تأسيس إقتصاد معرفي.


وهذا القصور له إنعكاسات سلبية في موضع البلاد التنافسي الركيك والذي يوصف عادة بالغير مؤهل في تبوء دور ريادي في المؤسسات الإقليمية والعالمية. فمركز أي بلد لا يختزل بحساب بنكي وبأرقام فلكية غير ملموسة على في الواقع «funny money». بل تقاس البلدان بعدد الخرجيين من المهندسين والعلماء في كافة التخصصات التي تستوعبهم الجامعات ومراكز الأبحاث ومخرجاتها. أما المراكز الديكورية والمخصصة للزوار الأجانب لخلق انطباع زائف لا تحرك ساكنا.


الإقتصاد المعرفي وصناعة النفط بعد 75:


ويعطي فخرو «2008» مثالاً على الاقتصاد المعرفي فيقول: «المفترض ان نمتلك اليوم وبعد 75 عاما من اكتشاف النفط، أحدث تكنولوجيا النفط وأن يكون لدينا افضل مهندسي نفط وأحسن نظام للتسويق وأحسن نظام للتكرير. لكننا للأسف نتراجع بعد كفاح مرير في الخمسينات لجعل النفط العربي ملكا للعرب، إلى أن نرهن النفط العربي في يد الشركات التي طردناها». ثم يسأل فخرو أيضا: «ما الذي يمنع الخليج من أن يكون أحد المراكز الكبرى في الاقتصاد المعرفي كما عملت الهند تماماً. العقول العربية موجودة فما الذي يمنع من تجميعها في سيلكون فالي عربي، في أي دولة عربية يكون ذلك. لماذا التركيز على الاقتصاد المظهري الخدمي وتجنب أهم نوعين من الاقتصاد يسيّران العالم وهما الاقتصاد الانتاجي والاقتصاد المعرفي».


العلاج بثلاث نصائح في الإبقاء على المواهب:


نصح Warren «2004» بثلاث نصائح في الإبقاء على المواهب من العمال:


1. ننسى لعبة الأرقام. لا يهم كم عدد الجوائز التي فاز الزعيم بها إذا تسبب بالضرر الحقيقي وهو القضاء على موهبته خلال عملية الحصول على هذه الجوائز. قيم الإحتضان بأي ثمن من القيادة المتغطرسة غير مناسبة للمنظمات ذات التوجه لتوليد الأفكار «idea-driven organizations» ؛ 2. الموهوبون يمتكلون قرار استقالتهم. انهم لن يبقوا عندما يعاملون مثل الماشية. فاستقطاب الموظفين وجعلهم يتنافسون مع بعضهم على الموارد. هذه المنافسة الداخلية تنتهي وتجعل الناس أقل إبداعية «creative». الموهوبون بحاجة للتقدير. وأكثرالقادة لا تقيم وزنا للأفراد، ولا تعترف بالعمل الجيد للآخرين. ومثل كل شخص آخر، الموهوب يريد الناس أن تشعره ببطولة جهده أو عمله الموقر. وكثير من القادة يتصرفون كما لو أن مثل هذا التقدير يصرف من حساباتهم المصرفية؛ 3. الزعيم الجديد يجب أن يكون عبقريا لعقد تحالفات وخلق معنى لموظفيه وهو: 'نحن جميعا معا في هذه اللعبة.' بغض النظر من هو المسؤول، صحيفة نيويورك تايمز مثلا غنية جدا بالمواهب التي سوف تبقيها على قيد الحياة فقط لا غير. ولكن إذا كانت تملك شخصا في أعلى سلطتها خلاقا ومتعاونا، يمكن أن تصبح التايمز تتبوأ موقعا مزدهرا في اقتصاد المعلومات تحسد عليه، ومكان سعيد للآخرين للعمل فيها.


إدارة الأزمات «Crisis Management» مقابل قيادة الأزمات «Crisis Leadership»:


أكد مايتروف «2004» أن أول مايطرأ على البال عند ذكر الأزمات والكوارث: شرنوبل، حرب الخليج، شركة فورد/وفايرستون، مركز التجارة العالمي وتفجير البنتاغون، أرنون، واالكارثة المروعة لللمكوك الفضائي كلومبيا. ويضيف كاتب المقالة الكارثة الأزمة المالية الحالية التي جعلت الرأسمالية على مفترق طرق. أنظر "الرابط"

ويضيف مايتروف «2004» أن كثيرا من المؤسسات تدير الأزمات «Crisis Management» استجابة أو ردة فعل على كارثة معينة قد حصلت بالفعل. بالمقابل فقيادة الأزمات «Crisis Leadership» هي العمل على ألتقاط إشارات بصورة تسبق الحدث التي تنبئ بحصول أزمة في المستقبل، والعمل على التخفيف من آثارها إذا وقعت إن لم يمكن تفاديها من الأساس. «ص 5»


تجليات الولاء تعرف في الشدائد والحروب:


وبالمناسبة والذي يجب أن يسطر للحادي والداني وللتاريخ؛ فقد أحدثت تلك الحرب أي حرب الخليج الثانية هجرة داخلية للوافدين إلى المنطقة ولعوائلهم إلى مناطقهم الأصلية بحثا عن أماكن أكثر أمنأ؛ بخلاف أهالي المنطقة الذين تمسكوا بأرضهم بكل شجاعة وثقة بالله وحراسة وحماية صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه الشريف.


الخلاصة:


إن المحافظة على الكفاءات في تأدية دورهم الخلاق في أي منظومة، يرجع بالأساس الى دور المسؤول المباشر أو القائد. الذي يجب أن يكون في حالة تأهب مستمر لإدارة الأداء بعدالة واحترام، وتسهيل الاعتراف بنتائج أداء العاملين، ورعاية النمو الوظيفي، والنهوض بالموظف ببدل الحوافز المادية والمعنوية. أنظر "الرابط".

والسؤال:


هل سنضع إسترتيجية مستديمة لرعاية الكفاءات المحلية وتوطين الإقتصاد المعرفي والإنتاجي ونستنغني عن الحروب في المنطقة كوسيلة

للإعتراف بالكفاءات المحلية؟


________________________


المصادر العربية والأجنبية


السيف، أ. «2008». مشوار في درب الوطن: تجربة حياة. الرياض.


السيف، أ «2008». مقابة له: الحرب علمتنا كيف نعتمد على كوادرنا الوطنية. إستخرجت في أكتوبر 27، http://www.newstin.ae/tag/ar/82380568 من. 2008



Branham, L. (2001، January). Keeping the people who keep you in business: Four keys to hang on to your most valuable talent. [Book Review]. Retrieved April 19، 2007، from www.summary.com 23/ «1». Aramco online library database



Mitroff, I. (2004). Crisis leadership: Planning for the unthinkable. USA: John Wilely & Sons، Inc.


Kiyosaki, R. (2000). [Book Review by رءوف شبايك]. Rich dad poor dad.


Sample، S. (2002). The contrarian's guide to leadership. San Francisco: Jossey-Bass.





السيد مهدي علوي عدنان آل درويش

ليست هناك تعليقات: