الأربعاء، أبريل 22، 2009

الفرق بين الأجيال Generation Gap

السيد مهدي آل درويش * - 02/11/2008م
الهدف من هذه المقالة محاولة تسليط الضوء على أنه يوجد اختلاف ناتج في فهم التوجهات للمجموعات المنتمية لفئات عمرية مختلفة (Generation Gap). وبالتالي العمل على «التخفيف» من آثار هذا الفارق بين الناس في التوجهات على المؤسسات، الأسرة، والمجتمع،ومن ثم بناء أرضية مشتركة وبناء الجسوربين الفئات لمحاولة كل فريق فهم الفريق الآخر. وذلك تحت مظلة عمل الفريق الواحد(team work). ومن ثم ينبري «القائد» لهذا الفريق في تسهيل نقل المعلومات الظاهرة(Explicit Knowledge) والكامنة (knowledge Tacit) ممن هم أكبر سنا وتوجيه جهود أعضاء الفريق نحو الأهداف المرسومة.
تعريف بمصطلح الفرق بين الأجيال (Generation Gap):
صيغ هذا المصطلح الفرق بين الأجيال (Generation Gap) في الستينات 1960م. ويعني هذا المصطلح بوصف الفوارق الكبيرة بين جيل من الناس من هم أصغرعمرا مع جيل آخر من الناس من الفئة العمرية (بضم العين وسكون الميم) التي تكبرهم سنا. وهذا الإختلاف في التوجهات يحول دون ألا يتفهم بعضهم بعضا.
ويعزى مصدرنشوء سوء الفهم بين أفراد كل فريق إلى:
(أ) اختلاف الخبرات والمكتسبات (experiences) في الحياة.(ب) اختلاف الآراء (opinions) تجاه قراءة الأحداث.(ج) اختلاف العادات (habits).(د) اختلاف سلوك الأفراد (behavior). وللمزيد عن هذا المصطلح (Generation Gap) ونشؤءه في الغرب انظر إلى الرابط: http://en.wikipedia.org/wiki/Generation_gap#cite_note-0
«الخشب الميت» (deadwood):
ينظر الأكبر في السن إلى الموظفين الشباب على أنهم عديمي أو قليلي الخبرة (lack of experience)، وأن الجيل الجديد من الموظفين يتعاملون مع الأمور الجادة بلا مبالاة (take life easy). كما أن بعض الشباب، والقول لكبار السن، يمر على زملاءه في العمل دون أن يقول «صباح الخير». يقابلها نظرة استخفاف من قبل الشباب بخبرات الأكبر سنا. ويلحق الشباب كبار السن صفة عديمي الفائدة أو مصطلح «الخشب الميت» (deadwood). وذلك كناية عن الخشب اليابس في الشجر الذي يجب إجراء عملية تقليم لأزالته لإضفاء الحيوية على الشجر. ويضيف اليافعين أن خبرة الموظفين «الختيارية» لا تتناسب مع عدد سنين خدمتهم في المؤسسة. بعضهم تصل قد خدمته المستمرة إلى عشرون سنة ولكن خبرته الفعلية قد لا تتجاوز سنة واحدة مكررة بعدد سنين الخدمة.
وحتى ندرك بشاعة هذا التعيير «الخشب الميت»، أكد أديسس (2005) أن بعض هولاء الموظفين أي «الخشب الميت» لا يتركون العمل بمحض إرادتهم، إما يموتون وهم على راس العمل، وإما يتقاعدون عن العمل أو يفصلون رغما عن إرادتهم. ولا يأسف عليهم أحد عند مغادرتهم المؤسسة. ولكن لا يغادرونها إلا بالقضاء عليها بالتمام.
الأمن الوظيفي (Job Security):
ونقطة أخرى أن بعض الموظفين الكبار في السن لا ينقل الخبرات المكتسبة إلى الجيل الجديد حرصا على الحفاظ على وظيفته إلى «الأبد». فقد حدث لكاتب هذه المقالة أن أحد المهندسين الأجانب أجاب بصلافة على سؤال عند أول أيام إلتحاق الكاتب بالعمل: «أن هذا المكان ليس مدرسة!».
ولكن يلزم التوضيح أن كبار السن مصدر مهم من مصادر نقل الخبرات ولعل الكاتب يوفق بدعائكم إلى تناول هذا الموضوع في المستقبل إنشاء تعالى.
الفرق بين الأجيال (Generation Gap) في التراث:
ينتاب المؤلف خواطر لا يملك إلا البوح بها اليك ايها القارئ الكريم خلال ما يقرأ أو يستمع في محاظرات للمنظريين في الإدارة الحديثة. هذا “الإعتقاد” أن جل ما يصاغ من نظريات في علم الإدارة وآراء لأساطنة الكتاب والمتكلمين (Key note speakers)، ومنها في موضوع المقالة التي بين يديك: الفرق بين الأجيال (Generation Gap). أن لكل ما ينشر من مواضيع له ما يقابله في التراث الإسلامي المتجسد في القران الكريم وسيرة النبي الأكرم وتراث أهل بيت العصمة ومن سار على هديهم. الأمثلة «المرسلات» من التاريخ على هذه الإشارات كثيرة لتفهم المسلمين والقادة النجباء لظاهرة (Generation Gap) والتعامل معها بإيجابية بروح عمل الفريق الواحد(Team Work) للوصول للأهداف المرسومة رغم عامل «الإختلاف» في السن فيما بينهم. هذه الأشارات كثيرة ومنه الواردة في:
• آية المباهلة: قوله تعالى: ﴿ فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ﴾ (آل عمران/61). أن النبي قد اصطحب أعز الخلق إليه وهم علي بن أبي طالب وابنته فاطمة والحسن والحسين. مقابل وفد نصارى نجران. أنظر ألرابط: http://www.islam4u.com/almojib_show.php?rid=542. • الوصية لعلي بالخلافة بعد رسول الله بلا فصل وهو في الثلاثين من عمره الشريف. • أمر النبي الأكرم تولي الشباب للقيادة الجيش ليافع (18سنة) هو «أسامة بن زيد» وفي الجيش كبار الصحابة و(الأكبر سنأ). • تخصيص الإمام علي الثوب الأغلى والأجود (3 درهم) لخادمه قنبر وجعل الثوب الأقل نوعية (2 درهم) لنفسه. وإرسائه (النظرية الاسلامية) : «لاتجبروا أولادكم على أخلاقكم لأنهم خلقوا لزمان غير زمانكم.». • مرافعة فاطمة الزهراء (18سنة) لإرجاع نحلتها من أبيها «فدك» وتوجيه الخطاب في المسجد أمام أقطاب الإنقلاب وغاصبي «فدك» وكسبها القضية. (الصدر، 2007). http://www.islam4u.com/almojib_show.php?rid=542 أنظر الرابط: http://www.shiaweb.org/books/fadak/index.html.
• حرص الإمام الحسين لتوجيه الأجيال وتقليص «البين» بين الأجيال (Generation Gap) وإرساء أرضية تفاهم (لبناء الجسور) إنطلاقا من أرض كربلاء. ونقل الرسالة للأجيال القادمة للوصول لهدف إحياء الدين من جديد. هذه الإشارات يمكن إلتقاطها والإلتفات إليها في الآتي: القاسم ابن الحسن (الشباب) يواجه وحده جيش الضلالة جيش يزيد. حبيب إبن مظاهر الأسدي (المسن)... الرضيع...
وقفة تأمل:
الرسالة على الجيل الصاعد التأمل عند الإستماع، المشاهدة لمواكب العزاء، المجالس الحسينية، والقراءة ما بين السطور ومن ثم التطبيق العملي لما يفيد.
في الفقرة التالية سيناقش الكاتب بعض بركات كبار السن في العائلة في الحث على العمل وترك كل موروث جاهلي تجاه إحتقار العمل الشريف.
في بيتنا بنت شيخ (بنت روحاني):
في الستينات من القرن الماضي ساد في مجتمعنا العائلة الممتدة (extended family) أي أن تعيش عدة أسر تحت إدارة عميدي إسرة وهما الجد والجدة. ومن حسن الطالع أن الكاتب عاش في كنف إسرة تضم جدة الوالد رحم الله موتى الجميع. لقد تعلم الكاتب منها الكثير متبعة أي الجدة أسلوب القصة (Story Telling). وهو أسلوب متبع في الإدارة الحديثة في نقل المعلومة. والمجال يسمح لنقل قصة واحدة فقط إلى جيل شبابنا الأعزاء للفائدة وهي:
أن المهنة والعمل باليد حتى تتسخ والتعبير الغربي هو: Get your hand dirty،لهو قمة الغنى والأمان من الفقر وغدر الزمان. وعلينا كمسلمين أن نبتعد عن الموروثات الجاهلية، والمنتشرة رواسبها حتى الآن، التي تعتبر المهن اليدوية معيبة. حيث كان العرب يطلقون على الأفراد الذين يعمول بالمهن اليدوية ب«القيان».
التعبير بالمهنة في الأدب العربي:
أكد فشوان (2008) أنه وفي سياق نظرة العرب المتواضعة للمهن والحرف، واحتقارهم لأصحابها، ينفد جرير هذه الثغرة ليعير الفرزدق بمهنة القيون التي كان أهله يحترفونها، وينوع حول دلالاتها، ويولد منها الكثير من الصور الساخرة، فيقول:
وأورثـــــك الـــعـــلاة ومـــرجـــلا /وإصلاح أخرات الفؤوس الكرازم
وقوله:
إذا عــــدت مـكـارمـهـا تـمـيــم/ فـخـرت بمـرجـل وبعـقـر نــاب
وسيف أبي الفرزدق قد علمتم /قــدوم غـيـر ثـابـتـة الـنـصـاب
في المقابل وجد كاتب هذه المقالة التي بين يديك ما نتوقف عند هذا الإرث «الجاهلي» والذي استمر من زمن جريرإلى يومك هذا. أما الحضارات القديمة في قصص التراث ما يرد الإعتبار لمكانة العمل اليدوي وفرض هذا التقدير حتى على الطبقة الإقتصادية الغنية. وهذا ما سنقراءه في الجزء التالي.
فتاة قروية ترد خطبة الشاهنشاة:
ملخص القصة أن أحد «شاهنشاهات» أو ملك الملوك في بلاد فارس أعجب بفتاة قروية. وذلك خلال تنزهه في أحدى ضيع مملكته. وكانت الفتاة في غاية الحسن والجمال والأخلاق والذكاء أيضا. فخطب الملك الشابة التي أعجبته من والدها. فسر الوالد برغبت الملك بالزواج من ابنته. فرفضت الفتاة خطبة الملك إلا بشروط وموصفات تتوفر في الملك.اندهش أهل الفتاة لخوفهم من بطش الملك وبطانتة ولم يفلح والداها في اقناع الفتاة من التراجع عن رأيها.
علم الملك باللأمر الغير مألوف في هكذا ظروف. فأستحسن الإستماع إلى شرطها. الشرط إستهلته الفتاة بسؤال وجهته إلى الملك وهو:«ماذا تجيد أيها الملك من عمل لو شاء الله أن يسلبك نعمة الملك؟ وكيف عندئذ سنعيش أنا وأنت أيها الملك بكرامة؟»
بهت الملك وأطرق برأسه إلى الأرض خجلا، حيث أنه لم يخطر بباله على عادة منهم في وضعه أنه في يوما ما أنه يخلع من منصبه! أجابها الملك أنه لا يجيد أي صنعة ولكن لحبه وشغفه لهذه الفتاة سيكسر المألوف في مثل وضعه. وسيعمل ملك الملوك جاهدا في تحسين وضعه وتعلم حرفة تقيه من غير الزمان. وعندما تتوفر فيه الشروط سيطلب يدها مرة أخرى من أبيها.
بدأ الملك جهدا في تعلم وإجادة مهنة حياكة السجاد الفاخر(الزوالي). وبعد مضي مدة ليست بالقصيرة؛ أجاد الملك مهنة حياكة السجاد. ولكن الفتاة فاجأة الملك مرة أخرى: أنها إشترطت للقبول به كزوج للمستقبل أن ترى بأم عينيها جودة ما يحسن صناعته. عندها فقط وافقت الفتاة أن تتقرن بالملك!
الدرس الذي أرادته الجدة أن يعيه الكاتب وهو في سن مبكرة:
هو أن اليد التي تعمل لكسب قوت العيال، والنفس المتواضعة التي تخضع لممارسة العمل الشريف هو الغنى وسر النجاح والسعادة في الحياة. والكاتب يحمد الله أنه عمل بالنصيحة واستفاد منها في حياته لكسب خبرات إضافية تضفي معنى (meaning)على ما يركن إلى الفرد من مهمات يومية (Tasks).
كما نقل الكاتب النصيحة إلى أبناءه للأخذ بها.عندما عمل أحد أبناء الكاتب بعد تخرجه من الجامعة من قسم المحاسبة وإلتحاق بأحد المؤسسات. فقد نصح الكاتب ابنه أن يلبس عدة العمل، ويعمل بالمراحل جميعها والمرتبطة والتي تسبق المنتج النهائي، مهما كانت شاقة ومتعبه. وذلك ليعايش بيئة العمل ومراحله ويحس ويقدر جهد العمال. فقد انعكس هذا على جودة عمله كمحاسب لتلك المؤسسة وإحترام الآخرين من حوله.
الخلاصة:
وبالنتيجة العمل على «التخفيف» من آثار الفرق بين الأجيال (Generation Gap) في مؤسسة العمل(learning organization) التي تحرص على نقل الخبرات وتزيل ما يعيق إنسياب المعلومات بين الأجيال. وذلك بالبحث عن المشتركات وبناء الجسوربين الفئات العمرية لمحاولة كل فريق فهم واحترام وتقدير وتبادل ما يملك من خبرات ومعلومات ظاهرة(Explicit Knowledge) وكامنة (knowledge Tacit). وتوجيه الجهود ما أمكن للوصول لأهداف المؤسسات(business) الربحية والغير ربحية كالجمعيات الخيرية وحتى الأسرة.
آل عمران-61
المصادر:
م. ب (2007). فدك في التاريخ. أستخرج في أكتوبر 10، 2008 .من ًًwww.shiaweb.org/books/fadak/indetml.
فشوان أ .ح. ع (2008). فن السخرية في شعر جرير Research Magazine. كلية المعلمين بمحافظة جدة. جامعة الملك عبد العزيز. أستخرج في 13 أكتوبر 2008 من http://www.kau.edu.sa/ResearchRepository/PdfDocument/2389_372_EN.pdf
Adizes, I. (2005). Beyond deadwood. Retrieved October 11, 2008. From http://eep.aramco.com.sa/content/Ee_Publish/le2005/0105/090105.htm
Wikipedia (2007). Generation gap. Retrieved October 10, 2008. From free encyclopedia http://en.wikipedia.org/wiki/Generation_gap#cite_note-

ليست هناك تعليقات: